آخر الأخبار

عيد الفطر في اليمن.. محاولة لإخفاء الوجع المتراكم!

الخميس, 11 أبريل, 2024

الوجع لا ينسى، والحزن الذي يتوسط القلوب لا يمكن إخفاؤه تمامًا؛ لكن المحاولات لتناسي ما يحدث من حولك من مآس أمر عظيم، أن تكون قويًا وجلدًا تتحدى ظروف الواقع المرير، أن تبتسم اليوم وأنت الذي كنت بالأمس تتخبط ذهابًا وإيابًا باحثًا عن مصدرٍ تدخل منه قيمة كسوة العيد لأطفالك، في الوقت الذي يعاني فيه مطبخك من انعدام تام من أساسياته، وسفرتك الرمضانية التي كانت لا تكاد تحمل صنفين من الطعام إلى جانب قارورة من الماء يلتف حولها عدد كبير ممن تعولهم.


ما أجمل الإنسان اليمني الذي ما كاد يخرج من محنة إلا ودخل في أخرى أكبر منها، تتقاذفه أمواج الحياة القاسية من مكان لآخر، تسحقه الظروف الاقتصادية والمعيشة كما تفعل الرحى بالحبوب؛  لكنه - على الرغم من ذلك-  يبتسم ويحاول أن يعيش الطقوس الدينية كما ينبغي، يبحث عن السعادة بين أنقاض الواقع المرير،  الذي نغصه الانهيار الاقتصادي وجشع واستغلال التجار وأصحاب النفوذ،  يحاول أن يسعد من حوله بإمكانيات بسيطة حصل عليها بعد جهد جهيد.


اليوم جاء عيد الفطر المبارك في ظل أزمة معيشية متعبة، أتعبت من هو متوسط الدخل فكيف بمعدومي الدخل، الذين ظل سعيهم في الحياة وهم يبحثون عن الحياة.


عيد جديد أطل على استحياء،  يبحث عمن يستقبله من المغلوبين في بلد طحنته الحرب وأنهكته المؤامرات، لكن  الجميل في ذلك  عندما ترى وجوه اليمنيين تكسوها البشاشة، وكأن جرحًا لم يحدث،  تشعر بأن الحياة جميلة، ترى جمال الحياة كامن في وجه  طفل صغير حصل على ملابس العيد من فاعل خير بعدما يئس من الحصول عليها وأكثر من طلبها من أبيه دون جدوى، ترى جمال العيد في وجه امرأة صنعت كعك العيد وذهبت تطرق باب جارتها لتعطيها جزءًا مما صنعته، ترى الجمال والفرحة في وجوه فتيات الحي اللاتي اجتمعن في منزل صديقتهن العروس لمشاركتها فرحها، وفي بشاشة الوجوه من حولك التي تخبرك أن الفرحة في العيد ليست مشروطة بمال أو جاه أو منصب أو حتى أنها ليست مشروطة بوجود العافية، الفرحة في العيد من شعائر الله التي ينبغي تعظيمها كيفما كان وضعك.


هكذا تخفى الأوجاع، وهكذا تكون محاولة نسيانها، هذا الشعب العظيم، كم من الدروس العظيمة التي تتجلى من خلال يومياته، شعب ألفه الوجع حتى أنه ما عاد يتركه لحظة واحدة وهو في ظل هذا كله يبتسم اليوم ويعيش فرحة العيد،  يخرج من بيته صوب أقرب منتزه ومتنفس ليعيش مع أسرته سويعات في الهواء الطلق، يخرج للشارع فيمد للأطفال ما يستطيع  إخراجه من جيبه  من المال ليشعرهم بسعادة العيد، يعلم جيدًا أن هذا هو موسمهم الوحيد في حصولهم على العيدية فلا يبخل عليهم بها  وإن كان ذا خصاصة، ما أجمل فرحة العيد في وجوه اليمنيين وما أروع الابتسامة التي يحملونها سواء كانت حقيقية أم غير ذلك.

*المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده