آخر الأخبار

القسمة التي لم تنضج بعد ، وتحية لسبتمبر

الخميس, 28 سبتمبر, 2023

خلال الأسبوع  الماضي اثيرت جملة من الأسئلة على خلفية اللقاءات السعودية الحوثية في الرياض ، وصارت  بعض هذه الأسئلة بواسطة الزميل أحمد الكمالي  مدماك اشتغاله على استطلاع موسع لمهتمين بقضايا الشأن العام، ومن هذه الأسئلة : هل يمكن أن تفضي هذا المفاوضات إلى سلام حقيقي في اليمن؟ ، وما هو موقع الحكومة المعترف بها مما يحصل ؟وهل سنتفاجأ بقرار أممي يتجاوز القرار 2216 وتجاوز المرجعيات الثلاث التي تتحدث عنها الحكومة  لتجاوز المعضلة ؟ .


وبالنسبة للسؤال الأول من وجهة نظري إن هذه اللقاءات لن تُفضي إلى سلام دائم، هي قد تفضي إلى إعادة اقتسام السلطة ( توزيع المغانم) بين الفرقاء برعاية سعودية، وترحيل المشكلة إلى محطة انفجار قادم.. وجهة نظري هذه أبنيها على أن مسببات المشكلة لم تعالج من أصلها  والبحث في  سؤال: لماذا قامت الحرب ومن الذي تسبب بها؟


في 1970 رعت السعودية تسوية جمهورية ملكية بعد ثمان سنوات من الحرب الطاحنة، افضت إلى اقتسام سلطة بين مكونات عدة موزعة بين متارس المتحاربين، وكان من نتائج هذا الاقتسام هو تراكم الازمات وانفجار الصراعات والتصفيات السياسية والانقلابات لتفضي إلى هذا الانفجار الكبير، والذي إن لم تعالج أسبابه سيظل يترصد اليمنيين في كل منعطف ومسار.


بشكل لا مواربة فيه تريد السعودية من هذه اللقاءات (المفاوضات) الخروج من المآزق الذي وجدت نفسها فيه، بسبب سياسة الخفة التي مارستها طيلة سنوات الحرب، وانطلقت من قاعدة انتاج حلفاء وتابعين ضعفاء  لها وليس شركاء أقوياء، بذات الرؤى العقيمة التي حكمت سياساتها في الجارة الفقيرة، والتي حولتها لمكب لنفاياتها السياسية والتشدد الديني طيلة نصف قرن.
حلفاء صاروا مع الوقت ألة ضخمة لإنتاج الفساد، وتجويد مخرجاته، والتي ابتلعت مليارات الدولارات  التي ضخَّتها الدولة الراعية خلال سنوات الحرب.


وعن موقع  الحكومة المعترف وموقفها مما يجري  لاحظ المتابع أن هذه الحكومة بقيت بعيدة كل البعد عن إدارة الحالة العامة (سياسياً وعسكريا) بسبب أنها لم تملك يوما قرارها المستقل، وأن بنيتها الكلية موزعة على أطراف متناقضة ومتناحرة ، استنبتتها  لأسباب عديدة دولتا التحالف، وكل القرارات المصيرية (بما فيها قرار الحرب)  اتخذت بالنيابة عنها من قبل رعاة هذه الأطراف، وعلى وجه الخصوص اللجنة الرباعية ( أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات)
-  وفيما يتصل باستصدار قرار أممي يتجاوز القرار 2216 لتمرير التسوية  اظن  أن تفاهمات الأطراف الدولية المؤثرة وكذا الأطراف الاقليمية الفاعلة قد تصير قرارا دوليا جديدا سيتخذ برغبة امريكية  بدرجة رئيسية، تحت ضغوط الانتخابات القادمة ، لأن الديمقراطيين يراهنون على ورقة انهاء الحرب في اليمن تضاف لأوراق متعددة سابقة ( الانسحاب من افغانستان والعراق وملف ايران) ، لعدها مكسبا سياسياً من جهة، ولأن انتاج حالة من الهدوء الطويل نسبياً ،وليس السلام التام في المنطقة، لن يربك امدادات الطاقة المتأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية، التي يُتهم الديمقراطيون بإغراق أمريكا حسب اتهامات خصومهم الجمهوريين.


(**)
كنت قد عرضت قبل أشهر عديدة لواحدة من أكثر الأسئلة التي تشغل بال اليمنيين هو سؤال : في حال توقفت الحرب نهائياً هل سيقوم الحوثيون بصرف مرتبات الموظفين، ويرخون قبضتهم الأمنية ويتعاملون مع الناس على قاعدة المواطنة المتساوية، اذا ما مُكنوا من حكم شمال اليمن (الجمهورية العربية اليمنية سابقا) الذي يسيطرون على معظمة بقوة السلاح وبرغبة إقليمية وتدليل دولي ؟


الكثير من الشواهد تقول لا !! ليس فقط من عدم اليقين بتوقف الحرب في المدى المنظور، وإنما أيضاً  من القياس على اختبارات سلطتهم في السنوات الست الماضية على ردود أفعال الناس تجاه سلوكهم الاستحواذي، والتي تؤشر إلى أنها  ستجعلهم يتمادون أكثر، إن تمكنوا من الحكم في سياق تفاهمات دولية تعترف بهم كطرف شرعي! في ظل إعادة تقاسم المصالح في البلد المتهتك بين ممولي ورعاة الحرب الرئيسين (إيران والسعودية والإمارات وقطر وعُمان).


تحية لسبتمبر العظيم
الاحتفاء الشعبي العفوي بثورة السادس والعشرين من سبتمبر في شوارع صنعاء ورفعهم للعلم الجمهوري، والذي حاولت عناصر الميلشيات  انتزاعه من أيدي المواطنين ومن على سياراتهم مساء الاثنين أشار وبوضوح إلى أن الوعي الشعبي برمزية سبتمبر لا تستطيع اخماده ماكينة السلطة المتغولة، ولن تستطيع انتاج تاريخ وطني يوازيه حتى من داخل الشهر ذاته.


الاحتفاء بالحدث حتى من أولئك الذين لم يرتبطوا وجدانياً به، هو نوع من المقاومة لمشروع التجريف الذي تنتجه  الإمامة الجديدة، والساعي لافراغ ذاكرة اليمنيين وتبديد تاريخها المناهض للاستبداد والكهنوت.


التحية لسبتمبرنا  العظيم، ولمشروع الأمل الذي حمله للجميع دون تمييز.


*المقال خاص بالمهرية نت *

لماذا يشوهون عدن الجميلة؟!
الأحد, 10 ديسمبر, 2023
الجبايات بموازين حسَّاسة!
الأحد, 26 نوفمبر, 2023