آخر الأخبار

كهرباء عدن..أزمة متفاقمة بلا حل وفساد يولد صيفا قاسيا (تقرير خاص)

مدينة عدن - أرشيفية

مدينة عدن - أرشيفية

المهرية نت - خاص
الإثنين, 06 مايو, 2024 - 10:26 صباحاً

يعود فصل الصيف على أبناء عدن، مع اتساع معاناة السكان من صيفها اللاهب الذي ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل كبير، والذي لا يمكن التعايش معه إلا بكسر أنساقه بالتبريد والتكييف.

 

يأتي ذلك وسط غياب المعالجات الحكومية الجذرية وغياب تنفيذ الوعود التي قُطعت أمام الرأي العام في توفير الطاقة الكهربائية بشكل مستمر للتخفيف من معاناة الحر الشديد على سكان العاصمة المؤقتة.

 

ومع الأيام الأولى لفصل الصيف لهذا العام، عاد انقطاع التيار الكهربائي عن سكان منطقة ينبغي أن تكون عاصمة للحكومة المعترف بها دولياً، فبرغم وجود الحكومة الشرعية فيها ووجود البنك المركزي والإعلانات المتكررة عن الدعم السعودي إلا أن التردي المعيشي وسوء الخدمات المتزايد يضاعف أوضاع الناس المعيشية بصورة تفوق قدراتهم على تحملها.

 

ويبدو أن الصيف سيغدو ثقيلا في عدن والمحافظات اليمنية الساحلية، فانقطاعات الكهرباء والماء وعدم انتظام صرف رواتب الموظفين، واستمرار هبوط العملة المحلية، إشارات تنذر بالأسوأ في قادم الأيام، برغم كل وعود الحكومة الشرعية، والتحالف بقيادة السعودية والإمارات.

أضرار متعددة

لم تكتفِ الحرب في اليمن بتدمير المدن والقرى وما خلفته من آلاف الضحايا المدنيين، بل بالإضافة إلى ذلك دمرت العديد من القطاعات الحيوية، وأدّت إلى انهيار قطاع الخدمات الأساسية، ومنها الكهرباء، في ظل غياب الحلول الجادة من قبل حكومة يعيش أغلب وزراؤها في الخارج.

 

وتأتي الكهرباء في طليعة الأزمات التي يعاني منها سكان عدن الذي يشاهدون مدينتهم بشكل يومي، على فترات، تغرق في الظلام لمعظم ساعات الليل والنهار، وما يسبب ذلك من أضرار بالغة على السكان نتيجة تأثيرها على مختلف الأعمال والمهن والقطاعات الخدمية المختلفة، ومع العاصمة المؤقتة تعاني كل المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة من معضلة تردي خدمة الكهرباء العامة التي يعتمدون عليها والتي أصبحت بمثابة معضلة تستعصي على الحل.

 

إنّ ملف الكهرباء شائك ومعقّد وبحاجة إلى استقرار سياسيّ على مستوى البلد بشكل عام، لأنّ كافة المحافظات المتضررة من الحرب ما زالت تعاني من هذه الإشكالية، وخصوصا عدن التي باتت بحاجة إلى وقفة جادّة من مجلس القيادة الرئاسي والتحالف بقيادة السعودية، لإنهاء هذه المشكلة وفقا لما صرح به الباحث الاقتصادي علاء مجمل لموقع "المهرية نت".

 

ويضيف مجمل: "يعاني الكثير من سكان عدن، خاصة الفئات المهمشة والفقيرة ومحدودي الدخل، من طوفان حرارة غير مسبوق، حيث تجدهم يبحثون عن ظل ومياه باردة للشرب، ويواجهون صعوبة في الحصول على الإمكانيات اللازمة للتحكم في حالة الطقس وتعزيز النظافة الشخصية، في حين يلجؤون إلى المبيت على الأرصفة في مختلف شوارع وأحياء المدينة".

 

ويتابع: "تردي خدمة الكهرباء في عدن ومعظم مناطق جنوب اليمن سببه شحة موارد الحكومة وعدم قدرتها على توفير المازوت لتشغيل محطات الكهرباء العامة مع ضعف الخيارات البديلة كمولدات الطاقة وألواح الطاقة الشمسية، والفساد الكبير في قطاع الكهرباء، وركون الحكومة على منح السعودية من المازوت لتشغيل محطات الكهرباء العامة". 

 

وأردف: "تتجاوز تبعات انقطاع الكهرباء المتواصلة، الذي يشمل أغلب فترات اليوم في مدينة عدن، التي تكتوي بصيف ساخن ودرجة حرارة غير مسبوقة، عند حدود معاناة المواطنين في منازلهم، إذ تطال تبعات الأنشطة الاقتصادية، حيث تضطر المحال التجارية إلى الإغلاق في حالة انقطاع التيار الكهربائي وأثناء فترة الظهيرة، ممّا يؤدّي إلى خسارة العملاء وتراجع الأرباح، ويؤثر ذلك على الاقتصاد المحلي في كل منطقة".

 

فشل وتقاطع مصالح

تعود معضلة الكهرباء المتجذرة إلى فشل مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي والحكومة الموالية للتحالف في معالجة ملف الكهرباء خلال العامين الماضيين، وكل الإجراءات التي تمت في هذا الملف لم تكن أكثر من حلول ترقيعيه  للتخفيف من تداعيات العجز بخدمة الكهرباء، وإلى الاستغلال غير المسؤول للثروة النفطية ونهبها من قبل دول التحالف السعودية والإمارات، وتقاسم الثروة مع مسؤولي الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي وذلك عبر الفساد وسوء الإدارة.

 

وعلى الرغم من وجود العديد من المشاريع والمبادرات الحكومية والدولية لتحسين وتطوير مصادر الكهرباء والبنية التحتية في عدن، فإن الواقع يظهر عكس ذلك مع تفاقم الأزمة بشكل كبير بالرغم من الموارد المالية الهائلة التي تخصص لتحسين قدرة الشبكة الكهربائي  وزيادة وتحسين إنتاج الطاقة الكهربائية في عدن التي تستغرق 60% من الدعم الحكومي المقدم لكافة المحافظات اليمنية المحررة، والمقدر بـ55 مليون دولار شهريا وفقا لتصريح سابق لمسؤول حكومي.

 

ويرى صالح عامر، محلل اقتصادي، في حديثه لـ المهرية نت"، أنّ المناطق الساحلية التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، وعلى رأسها عدن، تعاني من خلل في إدارة المشاريع الكهربائية، وتفويض أعمال الصيانة والتشغيل لشركات محلية غير مؤهلة وغير قادرة على القيام بمهامها بكفاءة؛ الأمر الذي يتسبّب في تردّي حالة النظام الكهربائي بشكل عام".

 

وأضاف: " النظام الكهربائي في نطاق مناطق الحكومة الشرعية، يعاني من المتنفذين، الذين يحكمون السيطرة على القطاع بشكل كامل، وجعلوا القطاع موردا مستمرا لصالحهم، الأمر الذي أدى إلى نقص في الموارد الاقتصادية وعدم مواكبة التطوير التكنولوجي، وعدم تشجيع الاستثمار في القطاع الخاص، حيث كان بالإمكان أن ينشئ محطات توليد كهرباء حديثة تستخدم التكنولوجيا الأكثر تطورا، حيث إن أغلب محطات توليد الكهرباء تعمل بوقود الديزل الذي يعد الأعلى تكلفة".

 

وتابع: " من الأسباب الرئيسية في معضلة كهرباء عدن، هو عجز الحكومة والتحالف عن توفير وقود نفط خام من حقول الإنتاج في شبوة وحضرموت لمحطة بترومسيلة  في عدن والتي باتت جاهزة حالياً للعمل بقوتها الكاملة 264 ميجاوات وات، بعد إنجاز مشروع النقل والتصريف بفعل عوامل كثيرة أبرزها الفساد وتحكم التحالف بتزويد الحكومة بمنح الوقود لتشغيل الكهرباء وقت ما تريد".

 

وأردف: "لا يتعلق الأمر بالكهرباء بقدر ما يتعلق بمماحكات سياسية، وتنصل طرف عن المسؤولية، وتحميلها الطرف الآخر، الأمر الذي حوّل موضوع الكهرباء إلى ثقب أسود يلتهم ملايين الدولارات يوميا، وكشف ضعف الحكومة، وأبرز مشكلات أخرى تعاني منها الحكومة تتعلق بالفساد وسوء الإدارة، لكن أزمة الكهرباء واحدة من الأزمات المستفحلة التي استمرت  دون أن يوضع لها حل حتى الآن".

جحيم لا يطاق

تقضي عدن معظم الساعات دون كهرباء، الأمر الذي فاقم معاناة المواطنين، وحوّلَ حياتهم، كما يصفها بعض سكان العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً ، إلى جحيم لا يطاق.

 

الدكتورة أُم عبير خالد ، تعبر في حديثها لـ"المهرية نت "، عن امتعاضها من حكومة الشرعية، التي شهدت تغيير رئيسها مؤخراً، بعد أن زادت معاناة الناس، خصوصًا بعد تردي الخدمات وانقطاع الكهرباء بشكل متواصل، وتتابع حديثها بالقول: "لم نصل لهذا الحال من تردي الخدمات والكهرباء في تاريخ عدن. وتعتقد "أم عبير" أن ما تعيشه عدن ومختلف المحافظات اليمنية هي أزمات مفتعلة، لإنهاك المواطن ومضاعفة معاناته، لتمرير أجندات خفية للرياض وأبوظبي عبر الحكومة اليمنية وإلا كيف لا تستطيع الحكومة بدعم دولتين توفير الوقود لعدن؟!.

 

ويوضح المواطن سعد راحج، من سكان المعلا غرب عدن لـ"المهرية نت "، "أن من أكثر الأشياء التي تدعو للحيرة هي تراتبية الأزمات، فبعد انقطاع الكهرباء ينقطع الماء، وبعد انقطاع الماء، تنعدم المشتقات النفطية في المحطات، وبعد انقطاع هذه الأخيرة، ترتفع الأسعار بشكل جنوني، وتزداد الأمراض، وتنتشر الأوبئة، وتهبط العملة، وتزداد المعاناة الإنسانية لسكان عدن".

 

ويتساءل سعد، "لماذا يعيش المسؤولون حياة مرفهة، في لحظة أقل ما يُقال عنها أنها جحيمية في عدن المكلومة، التي تتوقف فيها الصراعات السياسية بين طرفي الحكومة والمجلس الانتقالي، ولماذا لا يرى صانعو القرار الأوضاع التي وصل إليها جُل ساكني عدن، ولماذا يظلون واقفين بدون أي تحرك لإنقاذ الموقف".

وعود مكررة وتنازع الصلاحيات

لم تمّل الحكومة اليمنية من الوعود لإجراء تدابير لمعالجة الاختلالات التي تشهدها عدن في الانقطاع المتواصل للكهرباء، في ظل تنازع صلاحيات السيطرة، غير المحسوم بين سلطات الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، الأمر الذي جعل كثيرا من الملفات -وبينها ملف الكهرباء- حاضرة بقوة في صراع الطرفين ويستخدمها كل طرف للضغط وابتزاز الآخر يقول الأكاديمي محسن شائع.

 

يضيف محسن في حديثه لموقع "المهرية نت "، "خلال السنوات الأخيرة، ارتفعت معاناة سكان عدن، التي شهدت خلالها الخدمات الأساسية تدهورا متواصلا، خاصة خدمتي الكهرباء والمياه، دون أن تظهر أي جهود، سواء من قبل الحكومات الرسمية المتعاقبة أو من قبل سلطات الأمر الواقع المتمثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يشارك في الحكومة والمسيطر فعليا بشكل شبه كامل على العاصمة المؤقتة عدن، وغيرها من محافظات جنوب اليمن".

 

ويتابع: " المواطنون  وحدهم من يعانون ويشكون، أما بالنسبة للمسؤولين وأهاليهم، أبسط واحد فيهم لا يعاني، فهم يمتلكون مولدات ضخمة وخاصة بهم، في مقرات سكنهم وبيوتهم، ونتساءل: هل انقطعت الكهرباء عن قصر معاشيق الرئاسي مرة واحدة ليشعر هؤلاء المسؤولون بأن هناك كهرباء تنقطع؟".

 

وأردف: " من الطبيعي أن لا نرى اهتماما من قِبل الحكومة والمجلس الانتقالي بالشعب، لأن الشعب لا يعينْهم، وإنما التحالف السعودي - الإماراتي هو من عيَّنهم، لذا هم يهتمون بخدمة التحالف، ولا يهتمون بخدمات الشعب".


كلمات مفتاحية: عدن الكهرباء الصيف
تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية