آخر الأخبار

صحفيون في مرمى النيران!

الجمعة, 10 مايو, 2024

كان في السابق للصحفي قيمته الكبيرة ومكانته العظيمة وسط المجتمع ولدى الدولة، كيف لا وهو متسلح بالقلم والكاميرا يرصد الأحداث ويوصل صوت من لا يقدر على البوح، أو من ينادي دون أن يسمعه أحد.

واليوم تحول الصحفي من باحث عن الحقيقة إلى عدو لدود لدى الأطراف المتصارعة، يبغضونه كما يبغضون عدوًا أشهر سيفه أمام وجوههم ونازلهم في أرض المعركة، أو كالذي أحدث بينه وبينهم ثأرًا كبيرًا؛ فلم تعد مهنة الصحفي نقل رسالة المجتمع- في وجهة نظرهم-؛ بل يرون أنه يعمل على التشهير بهم ونشر غسيلهم لا أكثر.

تحولت حياة الصحفي في اليمن-  في زمن الحرب- إلى كابوس كبير؛  لا يدري متى ستتخطفه أيادي الغدر والخيانة، ولا يدري أي رقم من الضحايا سيرفق إلى جوار اسمه  عند نشر خبر الاعتداء عليه، أو قتله، أو إخفائه..      مستقبلٌ مجهولٌ  وأيامٌ قادمة لا يدري ما تحمل له بين طياتها،  لكنه ما يزال يعمل في المشوار الذي بدأه وسار عليه.

صحفيون كثر هم الذين قضوا حياتهم في البحث عن الحقيقة ولاقوا حتفهم؛  فقط لأنهم يسعون وراء ذلك، وإلى اليوم ما تزال حوادث  الاعتداء على الصحفيين تتوالى سواء بالضرب ونهب الممتلكات أو مصادرتها،  أو برميهم في غياهب السجن دونما ذنب ورفض عرضهم للمحاكمة، أو زيارة أهاليهم  لهم، أو   بتعرضهم للاغتيال عن طريق رمي الرصاص الحي عليهم، كان آخرها ما حدث مع أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين  محمد شبيطة داخل العاصمة صنعاء، والذي أطلق عليه النار بكثافة أثناء مروره في سيارته مع بعض أقاربه.

حادثة كهذه تثير  الغضب الكبير ليس في الوسط الصحفي وحسب وإنما في المجتمع ككل، أن يتم الاعتداء على رجل أعزل لم يخرج ليقاتل أو ليعتدي على أحد، فهذا أمر ممقوت فكيف  يكون الحال إذا ما تم الاعتداء على رجل لأجل أنه صحفي وصاحب مهنة كهذه.
حتى الخروج للشارع والتجول في الأحياء أصبح محظورًا على من امتهن الصحافة، وكأنه قد اقترف ذنبًا كبيرًا، وهذا ما يجعل حياة  هؤلاء في قلق مستمر فلم تعد البيئة اليمنية صالحة للعيش فيها بالنسبة للصحفيين،  وحياة الغربة حياة قاسية كما يصفها من سنحت له الفرصة بمغادرة البلاد، لا الوطن آمنٌ ولا المهجر مريح، حياة  بين الخوف والرجاء.

اليوم الصحفيون يعيشون في مرمى النيران، وعلى خط الخطر المحدق بهم والضرر الذي يتربص بحياتهم، سواء كانوا في مناطق الحوثيين أو مناطق الحكومة الشرعية، غير أن مناطق الحوثيين هي الأكثر إخافة لهم، وهذا الأمر يرجع إلى أن الحوادث التي حدثت للصحفيين فيها لم يتم التحقيق فيها أو معاقبة الجناة وهذا  الأمر يزيد من رقعة القلق لدى الصحفيين ويزيد من رقعة التسلط والبغي لدى السلطة هناك، وخلاصة الأمر أنه إذا ما تم التحقيق في حادثة الاعتداء على الصحفي محمد شبيطة فإن حوادث أكبر وأشد إجرامًا ستحدث للكثير من أبناء المجتمع.

* المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده