آخر الأخبار
في يومهم العالمي.. عمال اليمن بين وجع الجوع وقهر البطالة (تقرير خاص)

عمال يقومون بتركيب الطاقة الشمسية.. أرشيف
الخميس, 01 مايو, 2025 - 10:25 صباحاً
بينما يحتفل العالم في الأول من مايو بتكريم العمال والاعتراف بدورهم الحيوي في بناء الاقتصاد والمجتمعات، يمر هذا اليوم في اليمن مثقلاً بمعاناة متراكمة، يعيشها الملايين من العمال في ظل حرب مدمرة وانهيار اقتصادي متواصل منذ نحو عقد من الزمن.
فمنذ اندلاع الحرب مطلع عام 2015، شهد اليمن تدهورًا غير مسبوق في الأوضاع المعيشية، رافقه انهيار واسع في مؤسسات الدولة، وارتفاع حاد في أسعار المواد الأساسية، في وقت واصلت فيه العملة المحلية تراجعها، إلى مايقارب 2600 ريال مقابل الدولار في مناطق الحكومة الشرعية، وسط غياب تام للحلول، وتراجع المساعدات الإنسانية الدولية.
وأفاد البنك الدولي في تقريره الصادر في يونيو 2024 بأن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليمن انخفض بنسبة 54% مقارنة بما كان عليه قبل الحرب، وهو ما انعكس على اتساع رقعة الفقر وتقلص فرص العمل، خاصة في أوساط الشباب والنساء.
وفي ظل هذا التدهور، اضطر كثير من اليمنيين إلى الانخراط في أعمال هامشية، مثل البيع في الأسواق أو العمل بالأجر اليومي، في واقع يخلو من التدخلات الحكومية لوضع حلول تكفل لهم الأمان الغذائي أو توقف استمرار انهيار العملة وارتفاع الأسعار.
*أجور ضئيلة مع انهيار العملة
ويشكو العمال في مناطق الحكومة الشرعية من شح فرص العمل وتدني مستوى أجورهم واستمرار انهيار العملة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
بهذا الشأن، يقول المواطن وليد الصلوي (30 عامًا)، يعمل بالأجر اليومي في مهن مختلفة( النجارة، الزراعة، البناء) إن: "العمال اليمنيين غير مهتمين بيومهم العالمي، جراء تدهور أوضاعهم المعيشية، وغياب فرص العمل، واستمرار تراجع الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، ومحدودية أجورهم".
وأضاف لـ"المهرية نت" أن: "العامل يتسلّم بين 11 ألفًا إلى 15 ألف ريال بالعملة الجديدة (نحو أربعة دولارات ونصف)، بينما يتقاضى البنّاء (المعلم) من 25 ألفًا إلى 30 ألف ريال، ما يعادل نحو 11 دولارًا؛ لكنها لا تكفي لشراء أدنى متطلبات الحياة، خاصة مع شح فرص العمل".
وتابع "نحن لا نعطل في الإجازات، سواء السنوية أو الأسبوعية، ونمكث في حرج العمال بمنطقة بئر باشا يوميًا، منتظرين فرص عمل جديدة".
ووجه رسالة إلى الحكومة الشرعية قائلاً: "عليها أن تتقي الله في حالة المواطنين، وأن تضع حلولًا لأوضاعهم المعيشية، وتوقف استمرار انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار".
*بركة الله تساند العمال
من جهته، يقول بائع الساعات في السوق المركزي بمحافظة تعز، علي الصبري (في الخمسينيات من عمره): "عيد العمال لا أعترف به، ولا أعلم عنه شيئًا، وطوال العام أمكث مع معدّاتي الصغيرة في بسطة على متن عربة (تحتوي على إطار واحد ورجلين من الحديد) أعمل على صيانة الساعات ".
وأضاف لـ"المهرية نت": "أحصل على أجر بسيط لا يتجاوز 6000 ريال بالعملة الجديدة يوميًا، بما يعادل دولارين وربع، وأُعيل ستة أفراد، ولولا بركة الله لأصبح أطفالي يتسولون في الشارع".
وشدد على ضرورة أن تضع الحكومة حلولًا للأوضاع المعيشية، وتحسين مستوى دخل الموظفين والعاملين، وإعادتهم إلى مؤسساتهم الحكومية، وتقاضي أجورهم.
*لا حلول دون تعافي الاقتصاد
بدوره، يقول الناشط المجتمعي حلمي مرعي إن: "التدهور الاقتصادي وانهيار العملة المحلية أثّرا بشكل كبير على العمال، إلى جانب اتساع رقعة البطالة في أوساطهم".
وأضاف لـ"المهرية نت" أن: "قلة فرص العمل دفعت كثيرين إلى ترك وظائفهم الرسمية، والتوجه إلى سوق العمل بحثًا عن أعمال بالأجر اليومي، رغم محدوديته".
وتابع "يتقاضى العامل في اليوم مبلغًا لا يتجاوز 12 ألف ريال بالعملة الجديدة، وهو بالكاد يكفي لتوفير جزء بسيط من متطلبات أسرته الغذائية".
وأوضح أن "العامل أصبح همه الوحيد هو توفير قوت أسرته، دون أي اهتمام بالإجازات أو الأعياد العالمية وغيرها".
ولفت إلى أن "تدهور الاقتصاد وتدني قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، إضافة إلى غياب دور الحكومة، تسبب في شلل كبير بالحياة المعيشية".
واختتم حديثه قائلًا: "لا توجد حلول إلا بتعافي الاقتصاد اليمني، وعودة المؤسسات الحكومية إلى ممارسة نشاطها، وعودة الموظفين إلى أعمالهم، وتشجيع الاستثمارات الخاصة".
*ركود اقتصادي وتوقف المساعدات
تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين ركودًا اقتصاديًا، وتوقفًا للمساعدات الإنسانية، واستمرارًا للضربات الأمريكية على المنشآت الحيوية، وتوقف ميناء رأس عيسى عن العمل، ما خلف مخاوف كبيرة لدى العمال من المستقبل.
بهذا الشأن، يقول سعيد محمد، عامل بالأجر اليومي في العاصمة صنعاء (28 عامًا) إن: "أوضاع العمال في مناطق سيطرة الحوثيين صعبة للغاية، جراء استمرار الركود الاقتصادي، وغياب فرص العمل، ومكوث العمال في الحرج لفترات طويلة دون العثور على عمل".
وأضاف لـ"المهرية نت" أن: "العامل في صنعاء يتقاضى 8000 ريال قديم (نحو 14 دولارًا)، والبناء نحو 15 ألف ريال قديم (حوالي 29 دولارًا)، لكن شح فرص العمل فاقم معاناة العمال بشكل كبير".
وتابع "المساعدات انقطعت منذ أشهر، والأوضاع تنبئ بمستقبل صعب للغاية، خاصة مع توقف ميناء رأس عيسى، ما سيسهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بشكل كبير".
وحول عيد العمال، يقول "محمد" إن: "الكثير من العمال اليمنيين لا يؤمنون به، ولا يحتفون بمناسبته، ولا يعطونه أي قيمة، خاصة مع الأزمات الاقتصادية واستمرار تفاقم الوضع الإنساني".
