آخر الأخبار

بين تجاهل "الرئاسي" وعبث "الانتقالي".. مواطنو عدن ضحية أزمة الكهرباء المتكررة (تقرير خاص)

المهرية نت - إفتخار عبده
السبت, 18 يناير, 2025 - 10:34 صباحاً

تشهد خدمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن تدهورًا مستمرًا تسبب في ارتفاع ساعات انقطاع الخدمة عن منازل المواطنين لمدة  تتجاوز الـ14 -  18ساعة  في اليوم الواحد، بحسب مصادر إعلامية.

 

وأثار هذا الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي استياء وسخط السكان، الذين طالبوا بسرعة توفير الوقود لمحطات توليد الطاقة، وتخفيف معاناتهم المعيشية التي تفاقمت بشكل كبير؛ خاصة لدى المرضى وكبار السن والأطفال، مؤكدين أن الوضع الراهن أصبح لا يُطاق في ظل تزايد انقطاع الكهرباء وتداعياته على حياتهم اليومية.

 

وسبق أن شهدت المحافظة مطلع هذا الشهر احتجاجاتٍ واسعة في عدة مديريات، سخطًا  على تردي خدمة الكهرباء وانقطاعها لساعاتٍ طويلة، بعد أن توقفت حضرموت عن تزويد عدن بالنفط الخام.

 

تلك الاحتجاجات دفعت عضو مجلس القيادة الرئاسي، سلطان العرادة،  بالتوجيه للسلطات المحلية في مارب، برفد محطة الرئيس في عدن، بكميات إسعافية من خام مارب، الأمر الذي ساهم في إعادة الاستقرار النسبي لكهرباء المحافظة؛ خصوصًا بعد تشغيل  محطة الرئيس "بترومسيلة"، التي كانت متوقفة منذ أكثر من شهر.

 

لكن رفد ماب بالوقود للمحافظة لم يحل المشكلة كلها، ففي الثامن من يناير الجاري  خرجت محطة "بترومسيلة" عن الخدمة بشكل كامل بسبب نفاد الوقود؛ الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ساعات الانقطاع، وسط سخط شعبي كبير.

 

وفي التاسع من الشهر الجاري حذّرت مؤسسة كهرباء عدن في بيانٍ لها من توقف محطة المنصورة، جراء قرب نفاد الوقود، مشيرة إلى أن المحطة، التي تُعد مركز الأحمال الرئيسي في المدينة، مهدّدة بالتوقف التام خلال 72 ساعة، مؤكّدة أنه مع خروج المحطة، سيتعذر حتى الاستفادة من توليد محطة الطاقة الشمسية مما سيؤدي إلى انقطاع كلي للكهرباء عن عدن والمناطق المجاورة.

 

وتأتي هذه الانقطاعات  في الوقت الذي يكابد فيه المواطنون غلاءً غير مسبوق في الجانب المعيشي نتيجة انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، التي وصلت إلى أدنى مستوى في تاريخها، وسط صمت من المجلس الرئاسي، وعبث كبير من المجلس الانتقالي.

 

أزمة في المسؤولين الحقيقيين

بهذا الشأن يقول، مدرم حرسي أبو سراج، رئيس المكتب السياسي لمجلس الحراك الثوري الجنوبي" إن أزمة كهرباء عدن لا يعدها المجلس الانتقالي ولا الحكومة من أولوياتهم، ولا أي من خدمات المواطنين تعني المجلس الانتقالي أو الحكومة، فهم لا يعيرونها  أي اهتمام، فهم لديهم مهمات خاصة بهم كالصراع على الكراسي والسلطة، والصراع على موارد وخيرات وجبايات عدن، والتسابق على خدمة الرياض وأبو ظبي".

 

وأضاف حرسي لموقع "المهرية نت": "بسبب  تجاهل المجلس الرئاسي وعبث المجلس الانتقالي اليوم نجد كهرباء عدن وانقطاعها  لساعات طويلة تصل في بعض الأيام إلى عشرين ساعة في اليوم الواحد، نتيجة عدم توفير المشتقات النفطية".

 

وأشار إلى أن هناك مشتقات نفطية في عدن ولكنها لا تسخر لخدمة الكهرباء بل تذهب لتغطية مواكب القيادات الحاكمة في عدن، ابتداء من مجلس القيادة الرئاسي ومجلس الانتقالي إلى أصغر قائد وحدة عسكرية إضافة إلى الأطقم والمدرعات العسكرية التي تعمل على قمع وإرهاب المواطنين".

 

ولفت إلى أن "المظاهرات التي خرجت في عدن تندّد بتردي الخدمات قام المجلس الانتقالي بإفشالها وتحويلها لصالحهم، خرج المواطنون يطالبون بالكهرباء والماء والصحة وبقية الخدمات التي حرموا منها، ومطالب المواطنين هي حقوقهم المشروعة وهي مطالب إنسانية من الدرجة الأولى، لكن السلطة القائمة لا تكترث لذلك على الإطلاق، وكأن هذه السلطة مكلفة بتعذيب الشعب وإذلاله وتسخير أراضيه ومواقعه الاستراتيجية لخدمة دول الإقليم".

 

وتابع" انقطاع الكهرباء لم يتضرّر منها المواطنون في المنازل وحدهم ولكن هناك مدارس وجامعات لا تستطيع التعليم بالشكل المطلوب في ظل انقطاع الكهرباء، وهناك تعطيل لعجلة الإنتاج كالبنوك والشركات والورش الكبيرة والصغيرة جميعها معطلة، وهناك مستشفيات وفنادق اعتمدت على مولدات خاصة بها الأمر الذي زاد من عناء المواطن الذي يدفع الثمن بنفسه ويتحمّل تبعات فساد السلطات".

 

 

وواصل: "هناك في محافظة عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية حراك شعبي وجماهيري  يدعو لرفض تلك الممارسات والفساد الذي تمارسه السلطات القائمة التي لا يهمها سوى مصالحها وحدها وتنفيذ الأوامر الخارجية، وهذا ما يوحي بأن الوضع في عدن وغيرها  سيبقى على ما هو من الفساد أو قد يزيد سوءًا، ما دام وأن مطالب الشعب لم يتم تنفيذها".

 

مشكلةٌ سياسية وليست فنية

في السياق ذاته يقول الناشط السياسي والإعلامي بدوي الجبل المنصوري: مشكلة كهرباء عدن مشكلة سياسية وليست فنية، تكمن في الصراع القائم  بين السلطة الشرعية اليمنية وبين سلطات الأمر الواقع التي تسيطر على عدن فلدينا في عدن سلطة شرعية دستورية وسلطة  أخرى فعلية لا تعترف بالسلطة الشرعية رغم أنها دخلت معها في شراكة".

 

وأضاف المنصوري لموقع "المهرية نت" هذا الصراع انعكس سلبًا على أداء كثير من المؤسسات الخدمية، ويخطئ من يظن أن مشكلة الكهرباء في عدن تكمن في الجانب الفني أو نقص الوقود؛  فالكهرباء كغيرها من المؤسسات الخدمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأزمة السياسية فقد أصبحت تلك الخدمات الحيوية تستخدم كوسيلة ضغط من قبل بعض المكونات المتصارعة على النفوذ لتمرير مشاريعها".

 

وأردف" هناك مفهوم خاطئ لدى تلك المكونات المسيطرة على عدن يكمن ذلك المفهوم في أن أي استقرار تشهده عدن وأي عودة للحياة وأي تفعيل للمؤسسات والمرافق الخدمية لن يكون في صالحها بل سيحسب لصالح خصومها السياسيين في السلطة الشرعية؛ لذلك عمدوا عبر أتباعهم ووزرائهم في الحكومة على الوقوف ضد أي تفعيل للمؤسسات وعودة الخدمات".

 

وتابع "الكهرباء هي إحدى تلك المؤسسات الخدمية التي تم استخدامها كوسيلة ضغط على السلطة الشرعية لأجل تنفيذ أطماع ومشاريع خاصة".

 

وعود كاذبة

من جهته يقول المواطن محمد حسن "الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن متدهورة من عام 2015، لكنها تزداد تدهورًا مع مرور الوقت والسبب الرئيسي في ذلك هو فساد المسؤولين، الذين لا يعرفون معاناة المواطنين ولا يعترفون بها بقدر ما يهمهم أمر أنفسهم وذويهم".

 

وأضاف حسن  لموقع" المهرية نت": "حل مشكلة الكهرباء سهل ولكن المسؤولين لا يريدون عودة أو إصلاح الكهرباء بحجة الحرب من جهة، وبسبب التساهل الكبير والتواكل بين الحكومة الشرعية وسلطة الأمر الواقع داخل المحافظة، فكل من هؤلاء يريد أن يعلّق مأساة انقطاع الكهرباء على الآخر والضحية من وراء هذا التلاعب هو المواطن الذي عادةً ما يدفع الضريبة".

 

وبحسرة تابع "العالم أصبح متطورًا، يستخدم الكهرباء عن طريق منظومات شمسية غير مكلفة في النفط، ونحن ما زلنا نستخدم الكهرباء عبر مولدات قديمة تشتغل بالديزل والبترول الذي يأتي إلينا من المحافظات الأخرى وأحيانا لا  يأتي بسبب مطالب أبناء محافظة حضرموت".

 

وأشار إلى أنه هناك "تكتم إعلامي على ما يجري من نهب كبير في  الديزل والمازوت والمولدات، وهناك وعود كاذبة منذ سنوات تقول بأن الكهرباء سوف تستقر ولكن كل ما تأتي سنة يزداد الوضع سوء عن السنة التي  قبلها".

 

ولفت إلى أن "الكهرباء خلال عام 2024 اشتغلت فقط شهرين، وعشرة أشهر طافية، ولكم أن تتصوروا حجم المعاناة التي عانيناها خلال هذه المدة، الناس بلا شك يعودون لاستخدام البديل من الكهرباء التجارية والمولدات الشخصية وهذا أمر مكلف  تكاليف باهظة ترهق كاهل المواطن".

 

وواصل: التجار بالعادة يستغلون كل الظروف التي يعيشها المواطن، ولهم دورٌ بارز بهذا الجانب وذلك ببيعهم للمواطنين المولدات والشواحن مما يجعل من يمتلك المال يستغني عن الكهرباء ومن لا يمتلك المال يكون الضحية لهذا الأمر، وقد كنا قبل حرب 2015 لا نعرف المولدات أو الشواحن والآن أصبح بيعها تجارة ولا شك أنه هناك تنسيق بين التجار وبين مسئولين في الكهرباء لأجل صنع أزمة كهرباء من أجل تجارتهم".




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية